عادت تقليعة «انتشار القصص والخزعبلات» بين أهالي أحياء مدن في المنطقة الشرقية من جديد، كانوا يتداولونها
في السابق خلال أحاديثهم، حول «دخول نساء محتالات إلى المنازل» بقصد السرقة، بعد التأكد بأنه لا عائل لها، أو انتشار «ساحرات يطرقن الأبواب» بهدف الاستيلاء على الممتلكات. وظهرت خلال الأيام الماضية تحذيرات من الظاهرة، جرى تداولها على نطاق واسع من طريق شبكات التواصل الاجتماعي، دون التأكد من مدى صحّتها أوعدمها.
وفي الجانب ذاته، دبّ «الذعر» مرة أخرى في قلوب أهالي أحياء متفرقة، إثر انتشار مجموعة من النساء، يزرن المنازل لطلب معلومات عن أصحابها، موضحات أنهن من «التعداد السكّاني». على رغم أنهن لسن سعوديات، ما اضطرّ البعض إلى إبلاغ الأجهزة الأمنية، والتحذير من هؤلاء النسوة والدعوة إلى أخذ «الحيطة والحذر»، خوفاً من حدوث ما يؤكد الأقاويل القديمة التي كانوا يتداولونها.
وزارت سيدات بعض المنازل في مدينة الدمام، بعد طرق أبوابها، وطلبن الدخول، موضحات أنهن ينتمين إلى «أمانة المنطقة الشرقية»، ويحملن بطاقاتٍ خضراء، ما جعل أصحاب المنازل يطمئنون ويسمحون لهم بالجلوس، ويعطونهم المعلومات التي يحتاجونها. وكانت المعلومات شبيهة بما يطلبه موظفو «التعداد السكاني»،
بحسب ما ذكر بعض الأهالي، إذ كانت الأسئلة تركز على عدد أفراد العائلة، وأسئلة حول ما يحويه المنزل من أجهزة إلكترونية، إضافة إلى الدخل الشهري لربّ الأسرة. فيما ظهر على السيدات أنهن «كبيرات في السنّ»، ويقمن بطلب أرقام الهواتف الشخصية، على رغم عدم وجود أي مركبة تقلهن وتنقلهن من منزلٍ إلى آخر.
وأثارت زيارة السيدات إلى المنازل وطلب المعلومات الرعب والخوف في قلوب الأهالي، بسبب «عدم الإعلان عن حملة تعداد سكّاني»، لافتين إلى أن زيارة السيدات كانت تتم بعد صلاة المغرب. كما أن الأهالي لم يسبق لهم التعامل مع موظفي تعداد سكاني من فئة «السيدات».
وزادت مخاوف البعض لكون غالبية النساء من جنسيات أفريقية، وهو ما استوحوه من «البشرة السوداء، واللهجة، إضافة إلى رفع بعض السيدات غطاء الوجه». في محاولة «لزرع الطمأنينة، وإبعاد الخوف والشبهة عنهنّ». فيما قامت بعضهنّ بطلب «القهوة والتمر من أصحاب المنزل، وذلك من غير الدارج والمعروف عن الموظفين الرسميين، في أوقات دوامهم، وأثناء أداء أعمالهم».
وذكر سعيد الزهراني، الذي يسكن في أحد أحياء الدمام، أنه «قبل صلاة المغرب، يوم أول من أمس، طرقت باب منزلي سيدة، وطلبت معلومات»، موضحاً أنها كانت «تعلّق بطاقة على رقبتها، وذلك ما دفعنا إلى تصديقها، حينما أوضحت أنها تنتمي إلى العاملين في الأمانة». وقال: «سألتْ أسئلة توحي بأنها من منسوبي التعداد السكاني، من قبيل: كم عدد أفراد عائلته، وأجهزة التكييف، والتلفزيونات، والدخل الشهري لربّ الأسرة».
وأوضح الزهراني، أن «السيدة قالت إن جنسيتها سعوديّة، ولكن الواضح أنها سودانيّة أو صومالية الجنسيّة، واتضح ذلك من خلال كشفها الوجه».
ورجح أن «السيدة كانت تقصد المنازل الكبيرة»، مستغرباً من وجود موظفات في التعداد، «وما نعرفه أنهم رجال. كما أثار ريبتي عدم وجود مركبة تنتظرها في الخارج». ورجح أنها «منتحلة شخصية، وذلك لعدم وجود حملة للتعداد على مستوى المملكة، أو حتى ملصقات وإعلانات في الشوارع».
فيما استنكرت لطيفة الحرشان، أن تكون السيدات تابعات إلى الإمارة أو الأمانة، «لأنهن نساء». وأعادت الأسباب إلى أن «المعتمد والمتعارف عليه في عملية التعداد أن الموظفين من الرجال فقط. فيما أبلغت مصادر ، أن هناك مخاطبات تمّت بين شرطة وأمانة الشرقية، بشأن ما أثير من معلومات حول وجود نساء يقمن بخطف الأطفال، وانتشار صورهن،
وذلك لتوضيح موقف الأمانة من وضعهن، وما إذا كانوا يتبعن لهم في جانب من أعمالهم. وجاء ردّ الأمانة بأنهن تابعات فعلاً إلى الأمانة، ويعملن في «المسح الميداني لمشروع المرصد الحضري المحلي»، الذي تم الإعلان عنه أخيراً، وبدأ بشكل تجريبي.
بدوره، علق المتحدث باسم أمانة المنطقة الشرقية محمد الصفيان، في تصريح إلى «الحياة»، حول ما تم تداوله وأثار «الرعب» في قلوب الأهالي، بأنه «بداية تجريبية لمشروع المرصد الحضري»، إذ قاموا بتوزيع عدد من الباحثات، يبلغ عددهن 45، وذلك لزيارة المنازل في حاضرة الدمام، والقيام بإحصاء 15 ألف أسرة»، لافتاً إلى أنه سبق التنويه عن المشروع، عبر وسائل الاتصال والإعلام المختلفة.
وقال الصفيان: «إن 45 باحثة استفدن من الدورة التدريبية في «أساليب المسح الميداني لمشروع المرصد الحضري المحلي»، وتم تشكيل فريق مسح ميداني للمرصد الحضري المحلي لمدن الحاضرة». وذكر أنه تم «تقسيم الفريق إلى 5 فرق لعمل المسوحات الميدانية في أحياء مدن الدمام والخبر والظهران، التي سبق الانتهاء من إعداد خطة المسح الميداني لها».