لم يُمهل الموت حاجّة هندية تبلغ من العمر (45 عاماً)، وقُبضت روحها قبل أن تقف في عرفات، وتلتقى زوجها
الغائب منذ سنوات بسبب العمل في "الليث" (١٨٠ كم جنوب مكة)؛ حيث تعرّضت البارحة لجلطة قلبية مميتة، ونُقلت إلى مستشفى "منى الطوارئ"؛ حيث قضت نحبها.
الحاجّة الهندية التي جاءت من نيودلهي وحدها، والتي كانت تأمل أن تحج إلى بيت الله الحرام، وتقبّل الحجر الأسود، وتقف فوق جبل الرحمة المكلل بالبهاء، وتُرغم الشيطان برمي الجمرات، وتأخذ من شعرها قدر أنملة فرحاً بالتحلل الأصغر من النسك في يوم الحج الأكبر.
كانت تتوق بشدة للقاء زوجها الذي يعمل في "الليث" (جنوب مكة المكرمة) منذ سنوات طوال، ولم تلتقِ به بعد.
وماتت هذه الحاجّة الهندية المحرمة الملبية، قبل أن يتمكن زوجها من الوصول إليها للقاء بها، والتودد إليها، والاعتذار عن بُعده الطويل عنها بسبب العمل.
العاملون في مستشفى "منى الطوارئ" حاولوا التوصل للزوج دون جدوى، كانوا يريدون أن يقصوا عليه شَغَف زوجته به، واشتياقها إليه، والممرضة المفجوعة التي تابعت حالتها لم تتمالك نفسها من البكاء. ويشهد مكتب المدير الطبي لها بالدموع التي تساقطت من عينها حزناً على قاصدة بيت الله الحرام، ورثاء لحالها.
جميع من في المستشفى تأثر من موقف هذه المرأة؛ إذ إنها جاءت للحج، وهلكت ولم تبدأ بعد، ولم تلتق رفيق عمرها، ولم تحدّثه بأحاديث السنوات التي غاب عنها فيها؛ فكتمتها في صدرها، وزَوَتْها من أجل أن تقصها عليه جملة واحدة في أيام معدودات: هي أيام الحج التي ستنتهي، وستعود هي بعدها إلى وحدتها.
لكنها لم تعد إلى الوحدة؛ بل ذهبت إلى رب الأرض والسماوات؛ فحازت رحابة السماء، وشرف المكان، وعِظَم التوقيت